unاقتصاد

قراءة في كتاب: المكتب الشريف للفوسفاط: سياق النشأة ومسار التطور “1920-1956″، للباحث عزيز سعيدي

عبد الرحيم بودلال: باحث في علم الاجتماع

  1. تقديم

صدر كتاب “المكتب الشريف للفوسفاط: سياق النشأة ومسار التطور “1920-1956″” للباحث المغربي عزيز سعيدي سنة 2022 عن منشورات باب الحكمة، يحتوي الكتاب 272 صفحة بالبيبليوغرافيا والفهرس بالقطع الوسط، يضم ثلاث فصول رئيسة:

يتناول الفصل الأول الصراع الامبريالي على ثروات المغرب بين المجموعات المعدنية الدولية العامة، والقانون المعدني المُنظم لطرق الاستغلال والظهائر المؤسسِة لذلك. ثم أشكال التنقيب الكولونيالي على المعادن ورخص البحث عن الفوسفاط واستغلاله. ثم تأسيس المكتب الشريف للفوسفاط وأسباب التأسيس، ثم التعريف بالمكتب الشريف للفوسفاط ومجلسه الإداري.

بينما يتناول الفصل الثاني مناطق انتاج الفوسفاط بالمغرب وطرق استخراجه في كل من خريبكة وراسب أولاد عبدون، ثم الإطار الجيولوجي لهما. ثم تاريخ وبداية الاستغلال المنجمي للفوسفاط وطرق استخراجه من باطن الأرض. ثم مراحل الإنتاج التي مر بها والتجهيزات العامة لاستغلاله. بعد ذلك يتناول البنية التحتية التي أنشأها المقيم الفرنسي من طرق وسكك حديدية من أجل ضمان الإنتاج المستمر، ثم أثر الفوسفاط على كل من مدينة خريبكة واليوسفية. ثم نفي السلطان محمد الخامس وردود فعل عمال المكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة. ثم التسمية بلويس جونتي ومعنى اسم خريبكة، والمنطقة الجغرافية لكنتور والمميزات العامة لها. ثم انشاء ميناء الدار البيضاء وميناء آسفي والسكك الحديدية بالمغرب لاستغلال أكثر للفوسفاط.

بينما يتناول الفصل الثالث الأصول الاجتماعية للطبقة العمالية بكل من خريبكة واليوسفية، ثم الحركة النقابية الفوسفاطية وما حققته من مكاسب حقوقية. ثم المصالح الاجتماعية التي وفرها المكتب الشريف للفوسفاط لصالح الطبقة العمالية من أماكن السكن والعناية بالصحية، والتعليم ونظام الشغل ومنح التقاعد للعمال المياومين والحق في العطل ومرافق الترفيه في أوقات الفراغ، وذلك لضمان مردودية أكثر.

  • ضعف الكتابة في التاريخ الاقتصادي المغربي

يعد الكتاب جزءاً من أطروحة دكتوراه للباحث عزيز سعيدي تحت إشراف المؤرخ المغربي الطيب بياض، يتناول المسار التاريخي للاستغلال المنجمي خلال فترة الاستعمار وأهم المراحل التي مر بها وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المغرب. كما يُعد الكتاب محاولة لتوثيق الذاكرة الفوسفاطية، ليس فقط المؤسسة الصناعية ومراكز الاستخراج والتطور التقني، بل أيضاً الجانب الاجتماعي المتعلق بالعمال وأصولهم الاجتماعية والسياسية ونضالاتهم الأولى، ومستوى الدخل الفردي وطبيعة الترقية وطبيعة نظام التقاعد والمنح والعطل ومرافق الترفيه.

يسمح البحث في تاريخ المؤسسات المنجمية بفهم ثقافة المؤسسة والسياقات التي تمت بها وتأثيرها على توسع المدن وعلى اقتصاد المغرب بصفة عامة، كما يساعد على اكتشاف الدور التنموي الذي لعبه المكتب الشريف للفوسفاط عبر تاريخ المغرب. كما أن الاهتمام العالمي المتزايد على معدن الفوسفاط، ومكانته الحيوية في الاقتصاد المغربي وحجم العملة الصعبة التي يُدرها، واستعمالاته المتعددة؛ يفرض نوعاً من البحث الاجتماعي والتاريخي حول مؤسساته ويفرض نوعاً من التوثيق الاقتصادي له. كما أنه ومن أجل مواكبة التحولات التي تعرفها السوق العالمية، ومواجهة التحديات القادمة، فإن معرفة ثقافة المؤسسة والقيم التي تكرسها لدى العمال وتأثيرها الثقافي على المدن مهم جداً لمعرفة مستقبل المؤسسة.

عملت الدراسة على تتبع مسار تاريخ المكتب الشريف للفوسفاط، انطلاقاً من مصادره الخاصة ومن الكتابات التي تناولت هذا المعدن، فاستطاعت رسم صورة لأهم المراحل التي مر منها وفق ترتيب كرونولوجي واضح. كما حاول الباحث الإجابة على سؤال؛ إلى أي حد شكل المكتب الشريف للفوسفاط قاطرة للتنمية الاقتصادية في المغرب، ليس فقط بجلبه للعملة الصعبة لخزينة الدولة، بل أيضا بتنميته لعدة قطاعات أخرى اقتصادية واجتماعية؟ حيث يحتل المغرب المرتبة الثالثة في التصدير العالمي للفوسفاط والمرتب الأولى من حيث الاحتياطي العالمي.

يشير الباحث في البداية إلى ضعف الكتابات في التاريخ الاقتصادي المعدني للمغرب، وان أغلب الكتب والدراسات المتوفرة هي دراسات كولونيالية بالخصوص، نجد؛ كتاب “استغلال الفوسفاط بالمغرب” “exploitation des phosphates au Maroc”  لصاحبه روجي، وكتاب “الموارد المعدنية الفرنسية في ما وراء البحار” “les ressources des minérales de la Frances d’outre-mer” لصاحبه أندري بوجي، ومقال دنيال ريفي “المعادن والسياسة في المغرب” mines et politique du Maroc، وكتاب جون كلود ألان بعنوان “الأزمة الإمبريالية في أوروبا من أجل غزو المغرب” “une crise impérialiste en Europe pour conquête du Maroc”.  قد يتناول باحثون مغاربة موضوع الفوسفاط في المغرب لكنهم يتحدثون عنه بشكل هامشي، خصوصاً الذين تحدثوا عن اقتصاد المغرب عموماً أو الذين تحدثوا عن الموارد الطبيعية. لكن لا نكاد نجد بحثاً مستقلاً حول الفوسفاط لوحده سواء تناوله بالجانب التاريخي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. باستثناء صالح شكاك الذي خصص حيزاً مهما في أطروحته عن “ورديغة الكبرى” كما يذكر الباحث.

اعتمد الباحث على هذه الكتب ومصادر أخرى مثل؛ مؤسسة أرشيف المغرب بالرباط، والأرشيف الوطني الفرنسي بباريس، والأرشيف الدبلوماسي بمدينة نانت، والأرشيف الدبلوماسي بلكورنوف. إلا أن الباحث يسجل ملاحظة مهمة تتعلق بتحفظ الإدارة الفوسفاطية وبعض المؤسسات الأخرى على تقديم المعلومات والوثائق اللازمة من أجل البحث الأمبريقي، لذلك اعتمد الباحث كثيراً على الروايات الشفهية والمقابلات مع فاعلين داخل المكتب الشريف للفوسفاط.

  • القوانين الأولى المنظمة لاستغلال المعادن ونشأة المكتب الشريف للفوسفاط

يرصد الباحث المسار الطويل الذي مرت به القوانين المنظمة للصناعة المنجمية بالمغرب، وفي كل قانون جديدة يتم تقنين أكثر واحكام للسيطرة على ثروات المغرب، مما يوضح أن هدف فرنسا هو استغلال ثروات البلاد وليس القيام بالحماية. لم يبدأ التنقيب عن المعادن في المغرب مع الاحتلال الفرنسي سنة 1912، بل بدأ قبله بكثير، حيث عرف المغرب تسابقاً كبيراً بين دول كثيرة من أجل اكتشاف معادنه واستغلالها، من ذلك دولة ألمانيا واسبابنا وبريطانيا. وكي تخلو الأجواء في الأخير لدولة فرنسا فإنها قامت بمجموعة مفاوضات ومساومات مع باقي القوى الاستعمارية الكبرى.

شكلت معاهدة الحماية غطاءً قانونياً لفرنسا من أجل البدئ المباشر في استغلال ثروات البلاد، حيث فرضت على المولى يوسف إصدار ظهير سنة 1914 يخول لفرنسا تجميد الرخص القديمة التي كانت تستفيد منها دول ألمانيا واسبانيا، ويسمح فقط لفرنسا بالتنقيب واستغلال ثروات المغرب. ومع بدايات الاعتراف الرسمي بتواجد الفوسفاط بالمغرب سنة 1917 تم إصدار ظهيرين شريفين سنة 1920، يسمح الأول للدولة باحتكار البحث عن الفوسفاط واستغلاله، وينص الثاني على تأسيس المكتب الشريف للفوسفاط.

بذلك استطاعت فرسنا فرض سيطرتها على الفوسفاط تحت إدارة المقيم ليوطي. كما تم تجديد هذا الظهير سنة 1923 لينص أول مرة على تدخل الدولة المباشر في الصناعة الاستخراجية للمناجم. لهذا أصبح استغلال الفوسفاط من صلاحيات الدولة. فتأسس المكتب الشريف للفوسفاط سنة 2020 في شكل مؤسسة تابعة للدولة، وكان الدافع وراء ذلك هو الضغط الذي مارسه الفلاح الفرنسي على حكومته من أجل توفير فوسفاط رخيص، ثم الحاجة لحماية الفوسفاط من الشركات الأجنبية، ثم الهدف الاستعماري المتعلق بالاستفادة ما أمكن من الثروات الطبيعة للمغرب.

  • لويس جونتي نموذج الباحث الكولونيالي المتخفي

خلال فترة احتلال فرنسا للجزائر كانت في كل مرة ترسل بعثات وجواسيس من أجل اكتشاف الثقافة واللغة والسياسة في المغرب، واكتشاف خريطة المعادن أيضاً. حيث لم ترد أن تعيد تجربتها الدموية في المغرب، فأرادت دخول المغرب بطريقة ديبلوماسية وليس على رأس الدبابات. حينها ظهر في الساحة المغربية العديد من المستكشفين والباحثين، يعد أبرزهم لويس جونتي louis Gentil الذي زار جهات عديدة في المغرب عبر مراحل مختلفة.

يقدم لنا لويس جونتي نموذج الباحث الكولونيالي الذي قطع المغرب من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله متخفياً في ثقافة مغربية أمازيغية. لقد ولد لويس جونتي بالعاصمة الجزائية سنة 1868، وتابع دراسته العليا بباريس فتخصص في علوم الأرض، وكان ملماً باللغة العربية ويحسن اللهجة الجزائية والمغربية أيضاً. فكان يراوح جونتي إلى المغرب بين الفينة والأخرى من أجل اكتشاف المعادن.

يذكر الباحث عزيز سعيدي أن الرحلة الأولى للويس جونتي استغرقت سبعة أشهر، خصصها لزيارة غرب شمال المغرب وبعض مناطق الجنوب وذلك سنة 1904، قام بهذه الزيارة وهو متنكر في لباس مغربي وحالق للشعر بالطريقة المحلية، كما اتخذ لنفسه اسم “السي علال”، كما كان يخفي تحت جلبابه البارومتر ولا يظهره للناس. تميزت هذه الجولة بدارسة الجوانب الطوبوغرافية والجيولوجية والمناخ. فمر بالصورية ثم سوس ثم إمينتانوت ثم تارودانت.

أما في المرة الثانية فقد قدم نفسه أنه عابر سبيل، يحمل معه بعض التجهيزات الصغيرة مثل مقياس درجة الحرارة والضغط مقياس المسافات ثم آلة تصوير. وعندما يسأله الناس يقدم نفسه أنه طبيباً، وأحياناً كان يقدم للناس أدورة ووصفات طبية، كما كان يقدم نفسه أحياناً أنه الولي الصالح الذي يكثر من الصلاة والتهجد، فيزداد تقديراً وحضوة في أعين المغاربة، كما كان يقدم نفسه أحياناً على أنه عالم ومؤرخ عربي، يحدث الناس عن تاريخ المغرب العريق وعن تاريخ العرب عموماً.

يتحدث الباحث مزيان في دراسة نُشرت في دورية عمران العدد 107، عن رحلة شارل دو فوكو الذي توغل إلى المغرب مستخفياً في زي يهودي. كذلك تحدث نور الدين الزاهي في كتابه “مدخل إلى علم الاجتماع المغربي” عن رائد المشروع البحثي الكولونيالي وواضع أسسه السوسيولوجي ميشو بلير، الذي كان الآخر يستخفي في لباس تقليدي مغربي، واضعاً لحية سوداء ويلقب نفسه بـ”الحاج عبد السلام”، فكان يخالط المغاربة ويصلي معهم في المساجد.

عندما رجع لويس جونتي إلى باريس بدأ بنشر المقالات ويكتب عن المغرب ومعادنه، حيث ألف في ذلك كتاب بعنوان “في ربوع بلاد السيبة” سنة 1906. ثم في المرة الثالثة التي سيعود فيها إلى المغرب جاء بشكل رسمي مدعوم من طرف الخارجية الفرنسية قصد استكشاف إقليم مراكش، ثم لاكتشاف المنطقة الشرقية، ثم بعدها قصد فاس ثم منطقة “اليوسفية” حاليا التي تسمى باسمه، وذلك سنة 1910.

بعدها عاد إلى فرنسا وهو يحمل الأحجار والمعادن من أجل اكتشافها أكثر، حيث وضع خريطة جيولوجية سنة 2022 تم اعتمادها كخريجة رئيسة ومرجع أساسي للأبحاث العلمية. ثم كتب كتاباً تحت عنوان “المغرب الفيزيائي” le Maroc physique. توفي 1925 عن عمر يناهز 60 سنة. لهذا يعود الدور للويس جونتي في اكتشاف الفوسفاط في المغرب عموماً ومنطقة الكنتور بالخصوص. بفضله استطاعت فرنسا جمع أكبر عدد من المعلومات حول خريطة المعادن في المغرب، من أجل أن تخلق مجوعة من المؤسسات لاستخراج المعادن.

  • المرافق الاجتماعية في بداية تأسيس المكتب الشريف للفوسفاط

في سنة 1920 صدر ظهير إنشاء المكتب الشريف للفوسفاط، وتم في 1921 بداية استخراج معدن الفوسفاط بمركز بوجنيبة، بعدها استقر نظر المكتب على النقطة 791، وهي النقطة التي أطلق عليها فيما بعد اسم خريبكة. حسب الباحث السعيدي تختلف الروايات بخصوص هذه التسمية، قد تعني كلمة خراب، وهو مصطلح كان يطلقه الرحل على المكان الذي تتواجد فيه حفر طبيعية كبيرة. وقد يعني حسب البعض أنه اشتقاق من كلمة خو khou. والبعض يرى أنها مأخوذة من كلمة ريغا righa، وهي كنية لشخصية غربية وقد تكون يهودية. والبعض يرجع هذه التسمية إلى كلمة كوريغة  kourigha التي تطلق على قرية البقر.

لقد كان لاختلاف توزيع الموارد الاقتصادية بين مجموع بلاد المغرب، بالإضافة إلى سنوات الجفاف المتتالية؛ دور كبير في تزايد الهجرة نحو المراكز المنجمية الفوسفاطية التي أحدثتها فرنسا بحثاً عن العمل. في هذا الصدد أنشئت مدن من العدم كان من وراءها غنى باطنها الفوسفاطي. شكلت مدينة خريبكة واليوسفية “لويس جونتي” مركزين مهمين لاستقطاب المهاجرين من جميع انحاء المغرب بالإضافة إلى عمال أجانب فرنسين وإيطاليين، ليصبح النمو الديمغرافي بهما يفوق معدل النمو بالمغرب.

ومن أجل استقرار اليد العاملة وضمان استمرار الإنتاج، اعتمد المكتب الشريف للفوسفاط ضمن سوسيولوجيا التنظيمات على نظرية فريدريك تايلور، التي ترى أنه لتحقيق مردودية أكثر فإن مقر سكنى العمال يجب أن يكون قريباً من ورشات العمل. لهذا أنشأ المكتب الشريف للفوسفاط أحياءً ومدناً صغيرة يقطنها العمال الفوسفاطيون والمهندسون الفرنسيون، قريبة من المناجم من أجل تسهيل عملية التنقل. فأنشأ ثلاث أحياء سكنية سنة 2024 ببوجينة وبولنوار خريبكة. كما تم منح مواد البناء بالمجان بواد زم لتشجيع الناس على الاستقرار، وقام بربط المنازل بالماء والكهرباء، وكان يتحمل نصف سعر الاستهلاك فيما يخص الماء والكهرباء.

تم تقسيم السكن في هذه الأحياء إلى؛ فيلات راقية يسكنها المهندسين الفرنسيين والإسبان والايطاليين، أما العمال المغاربة فكانوا يسكنون في العمارات بأربع طوابق، تحتوي كل شقة غرفتان ومطبخ وحمام. كان المجمع يوفر خادمة garçonna لكل منزل يسكنه عدد من العمال العزبين. وفي سنة 1924 أنشأ المكتب الشريف للفوسفاط مدارس للتكوين المهني، يهدف إلى تكوين العمال وتوسيع قاعدة الخبراء والمؤهلين. كما تكلف بمصاريف ألبسة ومأكل وسكنى هؤلاء التلاميذ. يتعلق البرنامج التعليمي بتعليم القراءة والكتابة والرسم وتعلم تقنيات التجارة والفلاحة والنجارة والحدادة، حيث بلغ عدد التلاميذ سنة 1950، 1467 تلميذ بكل من ولاد عبدون وخريبكة وبوجنيبة.

لم تعرف اليد العمالية المغربية تطوراً إبان الاستعمار، حيث اقتصر دورها على الأعمال البسيطة والشاقة التي تعتمد القوة العضلية وليس العقلية، كالحفر في المناجم وملء العربات ودفعها، لهذا كانوا أكثر عرضة للحوادث وأكثر عرضة للموت. بينما المناصب العليا كانت من نصيب العمال الأجانب، حيث إلى حدود سنة 1950 لم يشترك العمال المغارب إلا في وظائف قليلة مختلفة مثل السياقة والمراقبة.

لقد ظهرت الحركة النقابية في المغرب سنة 1920، وهي نقابات الموظفين الفرنسيين والإيطاليين في المغرب. غير أن المكتب الشريف للفوسفاط فلم يعترف بالجمعية المهنية للمستخدمين الأجانب إلا في سنة 1933. وقد عملت هذه الأخيرة على الدفاع عن العمال والمطالبة بتحسين ظروف العيش وظروف العمل وتحسين مستوى الدخل الفردي. كما طالبوا المكتب بإعداد نظام أساسي للمستخدمين يحمي حقوقهم. كذلك احتجت الجمعية على الطرد التعسفي لخمسة مستخدمين واستطاعت ضمان عطلة سنوية تحدد في 15 يوم مدفوعة الأجر. كما كانت للإضرابات التي شهدها فرنسا سنة 1936 ملهمة للحركة النقابية الفوسفاطية. إلا أن ما يسجل على أغلب هذه الاستحقاقات أن المستفيد الأول منها هم العمال الأوربيين وليسوا المغاربة.

لم تعترف السلطات الفرنسية للعمال المغاربة بتكوين نقابات إلا في حدود سنة 1945، حيث تم تأسيس نقابة عمالية مغربية تحت تأطير الاتحاد العام لنقابات المغرب ك.ع.ش، فتم انتخاب ثمان مغاربة ضمنه لحسن بن لمعطي ممثل عن قطاع الفوسفاط. لم يسمح للمغاربة بإنشاء نقابة خاصة بهم لأن مطالب الطبقة العمالية كانت تلتقي في الغالب مع مطالب الحركة الوطنية التي كانت تريد تحرير المغرب. وهو ما شهده نفي السلطان محمد الخامس؛ ففي 21 غشت 1955 استهدف العمال الفوسفاطيين والذي كان اغلبهم مجاهدين ضمن المقاومة الوطنية منشآت المصانع، فتم تخريب منشآت وورشات كثيرة تقدر تكلفتها بملايير الدراهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى